26‏/08‏/2011

ثمن الوقت

محمد عبدالرحمن المعيبد

عندما نتحدث عن الوقت فاننا نعني بذلك الثمن المهدر من زماننا، فنحن لا نقيسه بالساعات ولا بالأيام، وإنما بالشهور، اذا لم تكن بالسنين، فهذا فيه شيء من اللامبالاة بعامل الزمن، حيث اننا في عصر لايرحم المتقاعسين، والتخلف مربوط بعامل الزمن والسرعة في الاستجابة لمتطلبات الحياة الحد يثة، التي لا تخل بتوازن الفرد وسلوكياته المعيشية، والتي تبني على معتقداته وافكاره التي تراكمت بفعل الزمن.
فكلما كانت تلك الافكار والمعتقدات راسخة في الجذور، اصيلة المنبت، كانت قوية تجابه الصعاب والمتغيرات الطارئة، حيث لاتهزها السرعة المتوجبة للمجابهة، خاصة عندما تكون محسوبة بفهم وادراك للمستجدات المصاحبة للسرعة، ما دام علاجها يتم بنفس السرعة وحسب الحاجة.
فلو أخذنا حادث حريق ، للقياس، وحصرنا الخسائر تحت عاملي السرعة وعكسها، وجدنا الفارق يتمثل في حجم تلك الخسائر، وبمقدار استعدادنا لتلك الاستجابة يتحدد الانجاز وكفاءته، وبقيمة هذا الانجاز تتضح فاعليته، حيث ان القيمة هي المقياس الحقيقي لاي منجز، سواء كانت القيمة مادية او معنوية.
ومن هذا المنطلق يمكننا تطبيق ذلك على جميع مناحي حياتنا اليومية، في السلوكيات واداء الاعمال، لاننا نتجاهل هذا العنصر، ولانعطيه تلك الاهمية التي يستحقها، فدعونا ننظر على مجموعة من الامثلة، فعندما ننوي فتح طريق بين مدينتين، ونؤجل التنفيذ بضع سنوات، فمن الطبيعي ان تمتد المساكن ويتغير المد العمراني في المدينة، ليزيد من كلفة فتح ذلك الطريق المزمع انشاؤه، نتيجة التعويضات وما رافقها من ا زالة، ما طرأ على المخطط من تغييرات، ولو اردنا تأسيس مصنع وتأخر المقاول في انجازه، او تأخرت المعدات والالات او المواد الاولية، فهل نتصور ان تكاليفه لن تتغير، حتى ولو من اثاره دورة رأس المال.
فدعونا نتخيل ان التأخير حصل في اسعاف مصاب فاما ان ينتهي الامر الى اعاقة او موت، فهذا تماما ما سيجنيه من اهمالنا لعامل الوقت. كما في المشاريع اما معاقة او بانجاز ميت، بفعل الزمن، فان كانت معاقة فعلاجها استنزاف متواصل، وان ماتت فتعويضها استقطاع متكرر، وهذا ما عنيناه من قيمة الوقت.
حيث ان سر تخلف العالم الثالث عدم اكتراثه بعامل الزمن، لخضوعه لبيروقراطية الانجاز في التعليم، الصحة، المواصلات، الزراعة، التجارة والصناعة، وتأخره في نقل التكنولوجيا الحديثة لمسايرة الركب الزاحف بخطوات سريعة الى الامام، ونحن نجتر الخطى مترددين في نقل الخطى، ونتأخر في تنفيذها حتى يسبقنا الموكب، وتكلفنا الخطوة اللاحقة اضعاف قيمتها الحقيقية.
ولا ادل على ذلك سوى رغبة المملكة في الانضمام الى منطقة التجارة الدولية (الجات) حيث تأخر الطلب فزادت الاشتراطات فتعسر الانضمام.
والمثال الاخر على قيمة العامل الزمني الوحدة النقدية في دول مجلس التعاون الخ ليجي، وكذلك السوق العربية المشتركة وتفعيل الدرع العربية والبث الفضائي عبر القناة الاسلامية.
اما عن طموحاتنا في الداخل فتتمثل في سرعة البت في بعض الانظمة التي لازالت تحت الدراسة، وكذلك سرعة البت في تقييم المناهج الدراسية، بما يتلاءم مع سوق العمل، حيث استبشرنا خيرا بتلك اللجان التي افرزت لنا مجموعة تطلعات بهذا الصدد وكما نأمل التسريع في وتيرة برنامج السعودة.
فالشواهد لدينا تمنحنا القناعة بان مسايرة الركب بوتيرته وسرعته كفيلة بالانجاز الحضاري الذي يخلده الزمن، فعندما استثمرنا فترة الازدهار الاقتصادي في المملكة وانشأنا المشاريع الجبارة مثل مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين والمطارات والطرق والموانئ اصبحت لنا رافدا يغذي التنمية في فترة ركودها، فحري بنا ان نستفيد من هذا الدرس ونجعله عنوانا لخطواتنا القادمة
.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق